ادعمنا

اتفاقية أوتاوا - Ottawa Convention

لقد برز الاهتمام العالمي بقضية الألغام الأرضية بصورة واضحة منذ سبعينيات القرن الماضي، وذلك بسبب الآثار الإنسانية المروعة لها بحيث جرى التركيز على أن الألغام الأرضية تمثل انتهاكا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وانطلاقا من ذلك بدأت الجهود الدولية المناهضة للألغام الأرضية المضادة للأفراد تتخذ صورة أكثر كثافة وتنظيما منذ بداية التسعينيات، وبعد محادثات ومؤتمرات عدة تم التوقيع على اتفاقية تسمى "اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام" أو ما يعرف ب "معاهدة أوتاوا عام 1997م"، ويسميها البعض أيضا "معاهدة حظر الألغام"، و هي ما سنتطرق اليها بشكل تفصيلي في مقالنا هذا.

 

1- تعريف اتفاقية أوتاوا: 

هي اتفاقيـة حظـر استعمـال وتخزين وإنتـاج ونقــل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، كما أن هذه الاتفاقية هي استجابة المجتمع الدولي الشاملة للأثر الإنساني الناجم عن الألغام المضادة للأفراد؛ هذه الأسلحة العشوائية التي لا تزال خطيرة لعقود بعد انتهاء الصراعات.

في عام 1980م، اعتمد مؤتمر دبلوماسي عقد في جنيف اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، مع بروتوكولات إضافية، منها البروتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والفخاخ المتفجرة والأجهزة الأخرى، غير أن هذا البروتوكول لم يفرض حظرا كاملا على الألغام المضادة للأفراد، وفي الدورة الثانية للمؤتمر الاستعراضي الأول للدول الأطراف في الاتفاقية، المعقود في جنيف في الفترة من 22 نيسان /أبريل إلى 3 أيار /مايو 1996، عدلت الدول الأطراف البروتوكول الثاني، معززة بذلك أوجه الحظر الواردة فيه، ومع ذلك، فإن البروتوكول الثاني بصيغته المعدلة ظل قاصرا عن فرض حظر كامل على الألغام المضادة للأفراد على الرغم من أن عددا متزايدا من الدول ظلت تدعو لفرض هذا الحظر، وفي نهاية المؤتمر أعلن وفد كندا أن كندا سوف تستضيف اجتماعا للدول في وقت لاحق من عام 1996م لصالح فرض حظر كامل على تلك الألغام، لوضع استراتيجية لدفع المجتمع الدولي نحو فرض حظر عالمي على الألغام المضادة للأفراد. وقررت الحكومة الكندية، وفقا لذلك، عقد مؤتمر دولي في أوتاوا، في أيلول/ سبتمبر 1996.

و فعلا تم عقد المؤتمر الدولي للاستراتيجيات "نحو حظر عالمي للألغام المضادة للأفراد" في أوتاوا بكندا، في الفترة من 3إلى5 تشرين الأول /أكتوبر 1996، وأفضى ذلك المؤتمر إلى اعتماد إعلان مؤتمر أوتاوا الذي اتفقت الدول الخمسون المشاركة فيه، والمعروفة باسم"أوتاوا مجموعة"، على تعزيز التعاون وتنسيق الجهود فيما بينها من أجل تحقيق أهدافها، بما في ذلك القيام في أقرب وقت ممكن، بإبرام اتفاق دولي ملزم قانونا لحظر الألغام المضادة للأفراد.

واعتمد المؤتمر أيضا خطة عمل تحدد أنشطة ملموسة أبدت الدول والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية استعدادها لتنفيذها لتحقيق ذلك الهدف، وقررت عقد مؤتمر متابعة في بروكسل، في حزيران/يونيه 1997، علاوة على ذلك، أعربت الحكومة الكندية عن عزمها استضافة مؤتمر لتوقيع المعاهدة، في كانون الأول /ديسمبر عام 1997، وقد مهّد "مؤتمر أوتاوا" الساحة لعملية تفاوض اتخذت مسارا سريعا من أجل اعتماد معاهدة لحظر الألغام المضادة للأفراد، وهي العملية المعروفة باسم "عملية أوتاوا".

وأرفق الإعلان الصادر عن مؤتمر أوتاوا برسالة مؤرخة في16 أكتوبر1996م، موجهة إلى الأمين العام من ممثل وسفير كندا لدى الأمم المتحدة لأغراض نزع السلاح، وهي الرسالة التي عممت بوصفها وثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة للدورة الحادية والخمسين للجمعية العامة، وفي تشرين الثاني /نوفمبر 1996، أي بعد أسابيع قليلة من اختتام مؤتمر أوتاوا، عممت الحكومة النمساوية، عن طريق سفاراتها، أول مشروع للمعاهدة تضمن حظرا واضحا لتطوير وإنتاج وتخزين ونقل واستعمال الألغام المضادة للأفراد، وفي الدورة الحادية والخمسين للجمعية العامة ناقشت اللجنة الأولى مسألة الترويج لاتفاقية لحظر الألغام المضادة للأفراد في إطار البند المعنون "نزع السلاح العام الكامل"، وفي 4 تشرين الثاني /نوفمبر 1996، قدمت الولايات المتحدة مع 84 دولة، مشروع قرار معنون "اتفاق دولي لحظر الألغام البرية المضادة للأفراد"، وفي 13 تشرين الثاني /نوفمبر 1996م، اعتمدت اللجنة الأولى مشروع القرار وأوصت الجمعية العامة باعتماده، ووفقا لذلك اتخذت الجمعية العامة القرار 51/45 قاف المؤرخ في 10 كانون الأول /ديسمبر 1996م، الذي حثت فيه الدول الأعضاء "على السعي بهمة إلى إبرام اتفاق دولي ملزم قانونا يحظر فعليا استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام البرية المضادة للأفراد بغية الانتهاء من المفاوضات في أقرب وقت ممكن"، وطلبت أيضا إلى الأمين العام أن يعد تقريرا عن الخطوات التي اتخذت لإبرام اتفاق دولي بشأن تلك المسألة وتقديمه في الدورة الثانية والخمسين.

وقررت الحكومة النمساوية استضافة اجتماع حكومي في شباط /فبراير 1997 في فيينا، لتمكين الدول من تبادل وجهات النظر حول مضمون مشروع المعاهدة الذي وزع، والذي دعت إليه الدول والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بما في ذلك لجنة الصليب الأحمر الدولية، والحملة الدولية لحظر الألغام البرية. وقد عقد اجتماع الخبراء المعني بنص اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد في فيينا، في الفترة من 12 إلى 14 شباط /فبراير 1997، وبعد مناقشات جرت في الاجتماع نقحت النمسا مشروع المعاهدة الأصلي وأصدرت مشروعا ثانيا في 14آذار /مارس 1997،الذي عمم مرة أخرى للتعليق عليه، وكما أوضحت المفاوضات في اجتماع فيينا أن مسألة إمكانية وضع تدابير للتحقق الممكن سوف تثير جدلا واسع النطاق بين الدول، فقد قررت ألمانيا استضافة اجتماع حكومي يكرس حصرا لمناقشة هذه المسألة، وقد عقد اجتماع الخبراء الدولي المتعلق بتدابير التحقق الممكنة لحظر الألغام البرية المضادة للأفراد في "بون"، في 24 و 25 نيسان /أبريل 1997، وصدرت نسخة نهائية للمشروع النمساوي في 13 أيار /مايو 1997م لغرض التداول، كما عقد مؤتمر المتابعة لمؤتمر أوتاوا وهو المؤتمر الدولي لفرض حظر عالمي على الألغام المضادة للأفراد، في بروكسل، بلجيكا، في الفترة من 24 إلى 27 حزيران /يونيه 1997 .

وصدر عن المؤتمر إعلان مؤتمر بروكسل بشأن الألغام المضادة للأفراد، الذي وقعته 97 دولة من أصل 156 دولة، وفي الإعلان وافقت الدول المشاركة على مشروع النمسا أساسا للتفاوض، ورحبت بعقد مؤتمر دبلوماسي تستضيفه حكومة النرويج في أوسلو، وقررت تقديم المشروع النمساوي إلى المؤتمر الدبلوماسي القادم للنظر فيه واعتماده، كما أكد الإعلان من جديد أيضا هدف التوقيع، في أوتاوا، على معاهدة لحظر الألغام المضادة للأفراد قبل نهاية عام 1997م، وقام مكتب الممثل الدائم لبلجيكا لدى مؤتمر نزع السلاح في وقت لاحق بإحالة إعلان بروكسل إلى مؤتمر نزع السلاح بموجب رسالة مؤرخة في9 تموز/يوليه 1997؛ وعمم الإعلان بوصفه وثيقة رسمية من وثائق مؤتمر نزع السلاح.

وفي 1 أيلول /سبتمبر 1997، عقد المؤتمر الدبلوماسي المعني بفرض حظر دولي كامل على الألغام البرية المضادة للأفراد في أوسلو، النرويج، كما كان مقررا، وكان معروضا على المؤتمر مشروع المعاهدة النمساوية الثالث بوصفه نقطة انطلاق للمفاوضات واستمر المؤتمر ثلاثة أسابيع، واعتمد النص النهائي "لاتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الأسلحة" في 18 أيلول /سبتمبر 1997.

 وفي الدورة الثانية والخمسين للجمعية العامة، قدمت كندا مشروع قرار معنون "اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الأسلحة "، باسم الدول الأعضاء البالغ عددها 106 دول، واعتمدته اللجنة الأولى، وبناء على توصية من اللجنة الأولى اتخذت الجمعية العامة القرار 52/38 ألف  المؤرخ في 9 كانون الأول /ديسمبر 1997، بتصويت مسجل بأغلبية 142 صوتا مقابل لا شيء وامتناع 18 عضوا عن التصويت، وهو القرار الذي اعتمدت بموجبه اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الأسلحة ودعت جميع الدول إلى التوقيع عليها.

و افتتح باب التوقيع على الاتفاقية في أوتاوا في 3 و 4 كانون الأول /ديسمبر 1997م، وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 5 كانون الأول /ديسمبر 1997، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 1 آذار /مارس 1999، بعد ستة أشهر من إيداع الصك الأربعين من صكوك التصديق.

 

2- الأعضاء وغير الأعضاء في اتفاقية اوتاوا:

- في 15 أغسطس/آب 2007 بلغ عدد الدول الأطراف في المعاهدة 155 دولة (أي أكثر من ثلاثة أرباع بلدان العالم) إما بالتصديق على المعاهدة أو الانضمام إليها.

- وقد وقعت كل من جزر مارشال وبولندا على المعاهدة يوم 15 أغسطس/آب 2007 إلا أنهما لم تصدقا عليها بعد وبالتالي فهما ليستا من أعضاء المعاهدة.

- ورفضت 38 دولة التوقيع على معاهدة أوتاوا وبعضها يملك ألغاما مضادة للأفراد، ومن الدول التي ليست طرفا في المعاهدة الولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الروسي والكوريتان وبولندا وكوبا وإسرائيل وباكستان وسنغافورة، ومن الدول العربية التي لم توقع لبنان وليبيا والبحرين وإيران والمغرب وعُمان ومصر والسعودية وسوريا والإمارات.

 

3- اجتماعات الدول الأطراف في اتفاقية أوتاوا:

- تجتمع الدول الأطراف بانتظام للنظر في أي مسألة تتعلق بتطبيق هذه الاتفاقية أو تنفيذها، بما في ذلك:

(أ) سير هذه الاتفاقية وحالتها.

(ب) والمسائل الناشئة عن التقارير المقدمة بموجب أحكام هذه الاتفاقية.

(ت) و التعاون والمساعدة الدوليان وفقا للمادة 6. (لمزيد من التوضيح أنظر الملحق التالي: وثيقة توضح نص اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المادة 6 "التعاون والمساعدة الدوليان"، ص 4،5). 

(ث) و استحداث تكنولوجيات لإزالة الألغام المضادة للأفراد.

(ج) و عرائض الدول الأطراف المقدمة بموجب المادة 8. (لمزيد من التوضيح أنظر الملحق التالي: وثيقة توضح نص اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المادة 6 "التعاون والمساعدة الدوليان"، ص 7-9).

(ح) و القرارات المتعلقة بعرائض الدول الأطراف وفق ما تنص عليه المادة 5. (لمزيد من التوضيح أنظر الملحق التالي: وثيقة توضح نص اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المادة 6 "التعاون والمساعدة الدوليان"، ص 3،4).

- يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد أول اجتماع للدول الأطراف في غضون عام واحد من بدء نفاذ هذه الاتفاقية، ويدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد الاجتماعات اللاحقة سنوياً إلى أن يعقد أول مؤتمر للاستعراض.

- يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع خاص للدول الأطراف بموجب الشروط المبينة في المادة 8.

- يجوز دعوة الدول غير الأطراف في هذه الاتفاقية وكذلك الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات أو المؤسسات الدولية والمنظمات الإقليمية ذات الصلة ولجنة الصليب الأحمر الدولي، والمنظمات غير الحكومية المعنية، إلى حضور هذه الاجتماعات بصفة مراقبين وفقاً للنظام الداخلي المتفق عليه.

 

4- أهداف والتزامات اتفاقية أوتاوا:

تفرض معاهدة حظر الألغام حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد، وهي تحظر استعمال وتخزين وإنتاج وتطوير ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدمير هذه الألغام، سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض، ولا تشمل المعاهدة الألغام المضادة للمركبات والدبابات، أو الأجهزة المتفجرة التي يتم التحكم فيها عن بعد. وتلزم معاهدة أوتاوا الدول بإزالة التهديد الذي تمثله الألغام المزروعة في الأرض، ومساعدة ضحايا الألغام، وتوعية السكان المدنيين بمخاطر الألغام المضادة للأفراد، كما ألزمت المعاهدة كل دولة طرف أن تقوم بما يلي:

- تدمير مخزونها من الألغام المضادة للأفراد خلال أربع سنوات.

- تطهير جميع مناطق الألغام الموجودة تحت سيادتها أو سيطرتها خلال عشر سنوات، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان إبعاد المدنيين فعلا عن تلك المناطق، عبر تنفيذ برامج للتوعية بخطر الألغام.

- مساعدة ضحايا الألغام بتقديم الرعاية وإعادة التأهيل، بما في ذلك مساعدتهم على إعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي.

إضافة إلى ذلك، على كل دولة طرف أن تقوم بما يلي من أجل ضمان امتثالها لأحكام المعاهدة:

- محاكمة ومعاقبة الأشخاص المشاركين في أنشطة تحظرها المعاهدة، وتقديم تقارير سنوية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تعرض الخطوات التي اتبعتها الدولة الطرف لتنفيذ المعاهدة.

- العمل مع دول أطراف أخرى من أجل تسهيل الامتثال للمعاهدة، بما في ذلك تسهيل عمل بعثات تقصي الحقائق في جمع المعلومات عن المسائل المتعلقة بالامتثال للمعاهدة وفقا لما هو مطلوب.

 

5- التكاليف:

- تتحمل تكاليف اجتماعات الدول الأطراف والاجتماعات الخاصة للدول الأطراف، ومؤتمرات الاستعراض ومؤتمرات التعديل، الدول الأطراف والدول غير الأطراف في هذه الاتفاقية، المشاركة فيها، وفقاً لجدول الأنصبة المقررة للأمم المتحدة، معدلاً على النحو الملائم.

- تتحمل الدول الأطراف التكاليف التي يتكبدها الأمين العام للأمم المتحدة بموجب المادتين 7 و8 وتكاليف أي بعثة لتقصي الحقائق، وذلك وفقا لجدول الأنصبة المقررة للأمم المتحدة، معدلا على النحو الملائم. (لمزيد من التوضيح أنظر الملحق التالي: وثيقة توضح نص اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المادة 6 "التعاون والمساعدة الدوليان"، ص 6-9).

 

6- المدة والانسحاب:

- هذه الاتفاقية غير محددة المدة.

- لكل دولة طرف، في ممارستها لسيادتها الوطنية، الحق في الانسحاب من هذه الاتفاقية، وعليها أن تخطر بذلك الانسحاب جميع الدول الأطراف الأخرى والوديع ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ويتضمن صك الانسحاب شرحاً وافياً للأسباب التي تدفع إلى هذا الانسحاب.

- لا يصبح هذا الانسحاب نافذاً إلا بعد ستة أشهر من استلام الوديع لصك الانسحاب، ومع هذا فلو حدث عند انتهاء فترة الأشهر الستة تلك أن كانت الدولة الطرف المنسحبة مشتركة في نزاع مسلح، لا يعتبر الانسحاب نافذا قبل أن ينتهي النزاع المسلح.

- لا يؤثر انسحاب دولة طرف من هذه الاتفاقية بأي حال على واجب الدول في مواصلة الوفاء بما تتحمله من التزامات بموجب قواعد القانون الدولي ذات الصلة.

و بعد جل ماسبق ذكره في مقالنا هذا، يمكننا الاشارة الآن إلى أهم ما أحدثته "اتفاقية أوتاوا" من تغيير في العالم، فمنذ أن دخلت اتفاقية أوتاوا حيز التنفيذ، لوحظ تقدم ملموس نحو تحقيق أهدافها، بحيث كان للاتفاقية آثار ملحوظة على استعمال ونقل وإنتاج الألغام المضادة للأفراد في العالم الأمر الذي يؤكد أن استعمال هذه الأسلحة أمر مدان، وأن حظر الألغام المضادة للأفراد يتحول إلى قاعدة عالمية:

- انخفض استعمال الألغام المضادة للأفراد منذ اعتماد الاتفاقية انخفاضا كبيرا، وجاء في تقرير مراقب الألغام الأرضية لعام 2006 أن ثلاث دول فقط استعملت الألغام المضادة للأفراد منذ شهر مايو /آيار2005 .

- انخفض أيضا إنتاج الألغام المضادة للأفراد انخفاضا ملحوظا، فمن بين 50 دولة من الدول التي كانت تنتج الألغام المضادة للأفراد، أصبحت الآن 33 دولة أطرافا في الاتفاقية.

- توقفت عملياً التجارة العالمية المشروعة للألغام، فغالبية الدول التي ليست طرفا في الاتفاقية وتمتلك ألغاما مضادة للأفراد (مثل الصين وجمهورية كوريا وبولندا والاتحاد الروسي وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية) تطبق وقفاً اختيارياً لعمليات التصدير والنقل.

- دمرت الدول الأطراف ما يقرب من 40 مليون لغم مضاد للأفراد، ويبلغ مجموع عدد الدول الأطراف التي لم تعد تمتلك مخزوناً من الألغام المضادة للأفراد 143 دولة، كما أن جميع الدول تقريبا التي وصلت إلى الموعد المحدد لتدمير مخزونها قد أبلغت عن انتهاء تنفيذ برامج التدمير التي وضعتها، الأمر الذي يمثل معدلاً ممتازاً من الامتثال للاتفاقية.

- انتهت 7 دول من عمليات إزالة الألغام بينما أبلغت 45 دولة أخرى عن استمرار وجود مناطق ملوثة بحاجة لتطهيرها من الألغام، وتشهد الغالبية العظمى من هذه الدول حاليا عمليات كبيرة لإزالة الألغام.

- خصصت الدول بين عامي 1992 و2005، 2,9 بليون دولار أمريكي لصالح عمليات إزالة الألغام وتدمير المخزون منها ومساعدة الضحايا والاضطلاع بأنشطة أخرى تتعلق بالألغام.

- أكدت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية  فى تقريرها لعام 2020، أن التحديات المتبقية أمام الدول، التي تسعى جماعيا في الوقت الحالي لإحراز تقدم نحو عالم خال من الألغام فى ظل جائحة كورونا، لاتزال تشمل الارتفاع المستمر فى عدد الضحايا المدنيين، والاستخدام الجديد للألغام الأرضية المرتجلة من قبل الجماعات المسلحة غير الحكومية، إلى جانب انخفاض المساعدة العالمية لمكافحة الألغام.

- بحيث ذكرت الحملة بان ما مجموعه 164 دولة ملتزمة بمعاهدة حظر الألغام وذلك بعد 23 سنة من تبنيها، وهو ما يمثل أكثر من 80٪ من العالم، مع بقاء معظم البلدان البالغ عددها 33 دولة فى الخارج، تعمل في حالة امتثال فعلي.

- ولفت التقرير إلى أنه تم تأكيد استخدام دولة واحدة فقط (ميانمار) وهي ليست طرفا فى المعاهدة للألغام الأرضية المضادة للأفراد خلال فترة تقرير المرصد من منتصف 2019 حتى أكتوبر 2020. 

- وأشار تقرير مرصد الألغام الأرضية التابع للحملة الدولية إلى أنه خلال تلك الفترة وجد أن الجماعات المسلحة من غير الدول استخدمت الألغام المضادة للأفراد فى ستة بلدان على الأقل هي أفغانستان وكولومبيا والهند وليبيا وميانمار وباكستان.

- وأضاف التقرير أن التدمير الهائل لمخزون الألغام المضادة للأفراد لايزال يمثل أحد النجاحات العظيمة لاتفاقية حظر الألغام، لافتا إلى أنه حتى الآن دمرت الدول الأطراف أكثر من 55 مليون لغم مضاد للأفراد في مخزونها؛ بما فى ذلك أكثر من 296 ألفا دمرت فى عام 2019. 

- ونوه التقرير إلى أن 2019م كان العام الخامس على التوالى حيث سجلت أعداد كبيرة من الضحايا من الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، وذلك إلى حد كبير نتيجة النزاع المسلح المكثف والتأثير الواسع النطاق للألغام المرتجلة، وذكر أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 5554 ضحية من الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب؛ أكثر من نصفهم بسبب الألغام البدائية (2949)، مشيرا إلى أن المدنيين لازالوا يمثلون الغالبية العظمى من الضحايا (80٪)، ويمثل الأطفال ما يقرب من نصف جميع الضحايا المدنيين ( 43 %).

- وأضاف أن عام 2019م شهد أيضا انخفاضا في التمويل العالمي للأعمال المتعلقة بالألغام؛ حيث ساهمت 45 جهة مانحة ودولة متأثرة بحوالي 650.7 مليون دولار، وذلك بانخفاض 7٪ مقارنة بعام 2018، كما انخفض الدعم الدولى إلى أقل من 600 مليون دولار للمرة الأولى منذ عام 2016 (561.3 مليون دولار).

- وأضاف أنه تم الإبلاغ عن ما لا يقل عن 156 كيلومترا مربعا من الأراضى التي تم تطهيرها من الألغام الأرضية فى عام 2019؛ وتدمير أكثر من 123 ألف لغم أرضي، منوها إلى أن هذه زيادات عن 2018، وأن معظم الدول الأطراف أبلغت عن بعض أنشطة التطهير في عام 2019؛ بما في ذلك البلدان التي تواجه صراعات مستمرة مثل أفغانستان والعراق واليمن. 

- وأشار التقرير إلى أن تشيلي أصبحت أحدث دولة طرف تعلن الانتهاء من تطهير جميع المناطق الملغومة في أوائل عام 2020م، لتنضم إلى 31 بلدا ومنطقة أخرى أكملت تطهير جميع المناطق الملغومة على أراضيها منذ عام 1999.

- وقد أطلقت الأمم المتحدة استراتيجيتها الجديدة لمكافحة الألغام بين عامي 2019 و 2023م، في الدورة 22 لمديري مراكز برامج الأعمال المتعلقة بالألغام التي انعقدت في فبراير 2019م في جنيف، والتي تضمنت مناقشة القضايا الناشئة وتبادل الخبرات، وتحديات مساعدة الضحايا والدعم المتكامل للناجين والأسر المتضررة، ودور مراكز مكافحة الألغام في منع الأزمات الإنسانية وبناء السلام.

و يبقى الطريق لا يزال طويلا أمام إنهاء الأزمة الناشئة عن الألغام الأرضية، فالملايين من الألغام المضادة للأفراد لا تزال تهدد السكان في العالم وتؤدي إلى سقوط آلاف الضحايا الجدد سنوياً وإفقار المجتمعات المحلية، ولا تزال هناك رقع شاسعة من الأراضي الخصبة التي لا يمكن استعمالها بسبب وجود ألغام مضادة للأفراد، فالتخلص من عالم الألغام الأرضية والاعتناء بضحايا الألغام طوال حياتهم يتطلب التزام الجميع على المدى الطويل. 

 

 

 

المصادر والمراجع:

موقع منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، 08 أغسطس 2016 

وحدة دعم تنفيذ اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، اتفاقية حظر الألغام المضادة للألفراد 

United Nations Audiovisual Library of International Law، اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الأسلحة 

وكالة الأنباء الجزائرية، اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام: تطلع إلى مستقبل خال من آلات القتل العشوائي،03 أفريل 2020، 14:36 

أ.ش.أ، ارتفاع الضحايا والألغام المرتجلة وتراجع المساعدات أبرز التحديات أمام حملة حظر الألغام، 12 نوفمبر 2020، 04:16

اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد و تدمير تلك الألغام

شبكة الجزيرة نت، معاهدة أوتاوا لحظر الألغام، 28/5/2015

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia